٢٥‏/٠٥‏/٢٠٠٩

قصيدة في زمن الردة والبهتان

فى زمن الردة والبهتان .... إرسم ما شئت ولا تخجل .....فالكفر مباح يا فنان



فزمان الردة نعرفه ...... زمن المعصية بلا نكران


إن ضل القلب فلا تعجب ......أن يسكن فيه الشيطان


لن يشرق ضوء من قلب ..... لا يعرف طعم الإيمان


فإرسم ما شئت ولا تخجل .... فالكل مهان


وإكتب ما شئت ولا تخجل .....فالكل جبان


لا تخشى خيول أبى بكر .... أجهضها جبن الفرسان


وبلال الصادق فوق المسجد......أسكته سيف السجان


أتراه يؤذن بين الناس .....بلا إستئذان ؟!


أتراه يرتل بسم الله ولا يخشى ....بطش الكهان؟!


فإرسم ما شئت ولا تخجل ......فالكفر مباح يا فنان


وإكتب ما شئت ولا تخجل ....فالكل مهان


الكل جبان ....أسألك بربك يا فنان


هل تجرؤ يوما أن تكسر ....أحد الصلبان؟!!


أن تسخر يوما من عيسى .....أو تقذف مريم بالبهتان؟!


خبرنى يوما يا فنان ....حين تفيق من الهذيان


هل هذا حق الإنسان....أن تغرس حقدك فى الإسلام؟؟


أن تشعل نارك فى القرآن ؟ ...أن تسخر بحبيب الرحمن؟


إرسم ما شئت ولا تخجل فالكفر مباح يا فنان


دع باب المسجد يا زنديق دع المصطفى دع القرآن


وقم وإسكر بين الأوثان سيجيؤك صوت أبى بكر


ويصيح بخالد قم وإقطع رأس الشيطان


فمحمد باق .....ما بقيت دنيا الرحمن


وسيعلو قول الله .....فى كل زمان ومكان

ملعون يا سيف أخي ........... فاروق جويدة

طلب الفلسطينيون المحاصرون في لبنان فتوى من علماء المسلمين تبيح لهم أكل جثث الموتى حتى لا يموتوا جوعا "


لم أكل شيئا
منذ بداية هذا العام
والجوع القاتل يأكلني
يتسلل سما في الأحشاء
يشطرني في كل الأرجاء
أرقب أشلائي في صمت
فأرى الأشلاء بلا أشلاء
من منكم يمنحني فتوى باسم الإسلام
أن آكل ابني
ابني قد مات
قتلوه أمامي
قد سقط صريعا
بين مخالب جوع لا يرحم
بعد دقائق سوف أموت
و دماء صغيري شلال
يتدفق فوق الطرقات
اعطوني الفرصة كي أنجو
من شبح الموت
لا شئ أمامي آكله
لا شئ سواه
لا تنزعجوا
لست بمجنون أو قاتل
فأنا صليت الفجر و رب الكعبة عشر سنين
لم أترك فرضا
و كثيرا ما أقرأ وحدي
ورد الصوفية كل صباح
و كثيرا ما يسبح قلبي بين القرآن
و أنا والله أصوم و يسحرني
قبس من نور في رمضان
و أهيم وحيدا
حين يطل على قلبي نور الرحمن
وأنا والله أخاف الله
و أخشى يوما تنكرني فيه قدماي
أو يسأم جفني من عيني
و تثور على صمتي شفتاي
أو يهرب وجهي من وجهي
وتموت على جفني عيناي
قد جئت الآن لأسألكم
أفتوني باسم الإسلام
أن آكل ابني
إني والله أبوه و أعرف أمه
أشهد والله بأن امرأتي
ما كانت يوما زانية
كي تزني فيه
ولدي من صلبي أعرفه
من لون الشعر إلى قدميه
وجها هو يحمل لوني
منذ رأيت حقول القمح
تضئ الفجر على عينيه
هو يحمل لون الشعر
و إن كانت أطياف الضوء
تطارد شبح الليل على رأسي
هو يحمل أوصاف شبابي
لكني أشهد أن وليدي
كان عنيد الحلم فلم يحمل
في يوم شئ من يأسي
وهناك على الصدر علامة
وطن مغتصب و كرامة .
لم أنجب غيره
قد عشت أخاف سحابة حزن
سوف تغلف أيامي .
قد عشت أسير بأرض الله
و أجهل خطوة أقدامي
فلماذا أنجب والدنيا
وطن مصلوب الجدران
إني إنسان
أحمل أوصاف الإنسان
أتكلم
أحلم
أمشي أو أبكي
أو أكتب شعرا
حين يطل على عيني وجه الأحزان
لكني لا أملك وطنا
لا بيت لدي ولا عنوان
تلفظني كل الأبواب
تصفعني كل الأعتاب
فأنا مكروه مرفوض في كل كتاب
كل الأبواب أمام العين
يحاصرها شبح الحراس
فأنا محسوب بين الناس
لكني شئ غير الناس .
أحببت صغيري
حملته يداي و أسمعني
أحلى الضحكات
ولدي قد مات
أحمله الآن على صدري
أشلاء ، رفات
كم كنت أصلي في عينيه
و يغمرني ضوء الصلوات
كم كنت أحدق فيه
فألمح عمري بين يديه
كم كنت أصلي الفجر
ويشرق نور الخالق في عينيه
كم كنت أراه الوطن القادم
من أشلاء الوطن المهزوم
كم كنت أراه و أسمعه
يبكي في الليل
فاسمع فيه صهيل الخيل
و ألمح فيه الفرس الجامح
يتهادى فوق الأسوار
أراه المارد يخرج
بين سواد الليل خيوط نهار
و يقول كلاما أفهمه
لكني أبدا لا أحكيه
أعرفتم كيف نقول كلاما في الأعماق
و نخشى يوما أن نحكيه .
ولدي من زمن يسكنني
و أنا من زمن أسكنه
قد عاش زمانا في صدري
و الآن تكفنه عيني
فدعوني آكل من ابني
كي أنقذ عمري .
ماذا آكل من ابني ؟
من أين سأبدأ ؟
لن أقرب أبدا من عينيه
عيناه الحد الفاصل
بين زمان يعرفني
و زمان أخر ينكرني
لن أقرب أبدا من شفتيه
شفتاه نبي مصلوب
برسالة نور تهديني
و بريق ضلال يجذبني
لن أقرب أبدا من قدميه
قدماه نهاية ترحالي
في وطن عشت أطارده
و زمان عاش يطاردني .
ماذا آكل من ابني
يا زمن العار
تكتب أشعارا في الفقراء
و في البسطاء
و حق الثورة و الثوار
تتشدق عن زمن الصاروخ
و عصر العلم
و سوق البورصة و الدينار
تتباكى عن حق الإنسان
شذوذ الجنس و مرضى الإيدز
و حق الشورى و الأحرار
تكفر بالله
تبيع الأرض تبيع العرض
و تسجد جهرا للدولار
لم آكل شيئا من ابني يا زمن العار
سأظل أقاوم هذا العفن
لأخر نبض في عمري
سأموت الآن
لينبت مليون وليد
وسط الأكفان على قبري
و سأرسم في كل صباح
وطنا مذبوحا في صدري .
حاربت كثيرا أعدائي
لم أهزم منهم
حاربني ظلي
حاربني سيفي يا للعار
تسلل في ظلمة ليل
كي يسكن جنبي
حاربني قلبي
كيف الشريان تنكر يوما خادعني
وغدا سكينا في قلبي
فأخي في الله و باسم الدين
و باسم محمد
يقتلني في غرفة نومي
ابني قد مات بسيف أخي
و غداً سأموت بسيف أخي
ملعون يا سيف أخي
في كل كتاب
في التوراة
و في الإنجيل
و في القرآن
ملعون يا سيف أخي
في كل زمان
ملعون يا عار أخي
خوفا من صدر المحكومين
و بطشا من أيدي الحكام
ملعون يا سيف أخي
ماذا أبقيت من الدنيا
و عيون صغيري بعض حطام
رحم موبوء جمعنا
خانتنا كل الأرحام
ما أنت أخي
قد جئت سفاحا يا ملعون و ابن حرام
ملعون يا وجه أخي
فدمي يتحلل في الأنقاض
و بين الموتى و الأيتام
ملعون يا سيف أخي
سيف يتعبد للسفهاء
و يسحقنا تحت الأقدام
من منكم يمنحني فتوى باسم الإسلام
أن أقتل يوما جلادي
و أحطم كل الأصنام

صوت صفير البلبل


: القصة :


كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور كان يعطي الذهب للشاعر على قصيدة نقلها من غيره


وكان يحفظ ما يسمع من أول مرة ، وله غلام يحفظ القصيدة من مرتين



و جارية تحفظ القصيدة من ثلاث ..


فكان الشاعر يكتب قصيدة طويلة ، يدبلجها طول ليلة وليلتين وثلاث


فيقول له الخليفة :


إن كانت من قولك أعطيناك وزن الذي كتبته عليها ذهبا ،


وإن كانت من منقولك لم نعطك عليها شيئا


فيوافق الشاعر .. ويلقيها على مسامع الخليفة فيحفظها


الخليفة من أول مرة .. فيقول له أنني أحفظها منذ زمن بعيد فيقولها له ..


ثم يؤكد ذلك بالغلام الذي حفظها أيضا فيذكرها كاملة


ثم ينادي على الجارية التي قد سمعتها فتقولها كاملة ..


فيشك الشاعر في نفسه ..وهكذا مع كل الشعراء ..


فبينما هم كذلك إذا بالأصمعي يقدم عليهم فيشكون إليه حالهم ..


فقال : دعوا الأمر لي .. فكتب قصيدة ملونة الأبيات والموضوعات ..


وتنكر بزي أعرابي وأتى الأمير ليسمعه شعره ..


فقال الخليفة : أتعرف الشروط .. قال : نعم .. قال : هات القصيدة .. فقال :؟


صـــوت صـفـيـر الـبـلـبـل ** هــيــج قـلـبـي الـثـمـل


المـاء والـزهـر مــعــــا ** مــع زهـــر لـخـط المـقـل


وأنت يـا ســـيــد لـــي ** وســيــدي و مـــــولـلــي


فــكــم فــكــم تـيـمـني ** غــزيــــــــــــل عــقــيــقــــــــل


قــطــفــتـه مــن وجـنــة ** مـــن لــثــم ورد الخـجـل


فـــــقــــــــال لا لا لا لا ** و قــد غـــدا مــهــرول


والــخـــود مــالـت طــربا ** مــن فـــعـــل هذا الرجل


فــولــولــت وولـــولــت ** ولــي ولــي يـــا ويـــــــلـلـي


فـــقــالـت لا تــولــولـي ** وبــيــنــي الـلـــــــــؤلــــــــؤلــي


قــــالــت لـه حـيـن كــذا ** أنــهــض وجــــــد بـالمـقـل


وفــتــيــة ســقــــــــونــنـي ** قــهــيـــــــــــوة كــالـعــسـلـلي


شــمــمـتــهــا بـأنــفـــــــي ** أزكـــــــى مــــــن الــقــرنــفــل


فـي وسـط بـسـتــان حـلـي ** بـالــزهــر والــســـرور لـي


والــعــود دنــدنــدن لي ** والــطــبــل طـبـطـب طـبـلي


طـــبــطــب طــبــطـــــــــب ** طــبــطــب طــبــــــــــطـب لـــي


والــرقــص قــد طــاب لـي ** والـسـقـف ســقــسـق سـق لـي


شـــوا شــــوا وشــاهــش ** عـلـى ورق ســــفـــرجــــل


وغــرد الــقــمــري يـصيح ** مـــلـــل فـــي مــلــلـــــــــــي


ولــو تــرانــي راكــبــــــــــــا ** عـلـى حــمــــــــــار أهـــــزل


يــمــشــي عـلـى ثـلاثـــــــة ** كــمــشــيـــــــة الــعــرنــجــل


والـنـاس تـرجـم جـمــلي ** فــي الــســوق بالــقـلـقـلـلـي


والـكـل كــعـكــــــع كـعـكـع ** خـلـفـي ومـن حــــويـلـلـي


لـكـن مــشــيــت هــاربـــا ** مـن خــشــيــــة الــعــقـنـقـل


إلـــــى لــقــــــــــــــاء مـلـك ** مــعــظـــــــــم مـــبــجـــــــــــــــل


يـأمــــــــــــر لـي بِـخِـلـعَــةٍ ** حـــمــراء كــالـدم دم لــــي


أجـــــــــر فــيــهـا مـاشـيا ** مــبــغــــــــددا لـلــــذيــــــــــــل


أنـــا الأديــب الألـمــعـي ** مــــن حــــي أرض الـمــوصـل


نــظــمــت قــطــعـا زخـرفـت ** يــعــجــز عــنــهــا الأدبـل


أقــول فـي مـــطــلــعــهـا ** صــــوت صــفــيــر الــبـلبل


فلم يستطيع الخليفة أن يحفظها لصعوبة كلماتها وتداخل حروفها ،


فنادى الغلام فلم يستطع شيئا غير أبيات متقطعة ..


فنادى الجارية فعجزت .. عندئذ قال الخليفة


أحضر ما كتبته عليها لنعطيك وزنه ذهبا ..


قال الأصمعي ورثت عمود رخام من أبي نقشت عليه القصيدة وهو على ظهر


الناقة لا يحمله إلا أربعة من الجنود ..


فانهار الخليفة وجئ بالعمود فوزن كل ما في الخزنة ...


وعندما أراد الخروج .. عرف الخليفة أنه الأصمعي ، وعرف منه سبب حيلته ..

فاتفق معه أن يعطي الشعراء ما تيسر من أجل تشجيعهم.

٢٢‏/٠٥‏/٢٠٠٩

ثلاثية "أطفال الحجارة" لنزار القباني

بهروا الدنيا
وما في يدهم إلا الحجارة
وأضاؤوا كالقناديل
وجاؤوا كالبشارة.
قاوموا
وانفجروا
واستشهدوا
وبقينا دببا قطبية
صفحت أجسادها ضد الحرارة.
قاتلوا عنا
إلى أن قتلوا
وبقينا في مقاهينا
كبصاق المحارة:
واحد
يبحث منا عن تجارة
واحد
يطلب مليارا جديدا
وزواجا رابعا
ونهودا صقلتهن الحضارة
واحد
يبحث في لندن عن قصر منيف
واحد
يعمل سمسار سلاح
واحد
يطلب في البارات ثاره
واحد
يبحث عن عرش وجيش
وإمارة.
آه يا جيل الخيانات
ويا جيل العمولات
ويا جيل النفايات
ويا جيل الدعارة
سوف يجتاحك -مهما أبطأ- التاريخ.
أطفالَ الحجارة.
***
يا تلاميذ غزة
علّمونا
بعض ما عندكم
فنحن نسينا..
علمونا
بأن نكون رجالا
فلدينا الرجال
صاروا عجينا..
علمونا
كيف الحجارة تغدو
بين أيدي الأطفال
ماسا ثمينا..
كيف تغدو
دراجة الطفل لغما
وشريط الحرير
يغدو كمينا..
كيف مصاصة الحليب
إذا ما اعتقلوها
تحولت سكينا.
يا تلاميذ غزة
لا تبالوا
بإذاعاتنا
ولا تسمعونا..
اضربوا
اضربوا
بكل قواكم
واحزموا أمركم
ولا تسألونا..
نحن أهل الحساب
والجمع
والطرح
فخوضوا حروبكم
واتركونا..
إننا الهاربون
من خدمة الجيش
فهاتوا حبالكم
واشنقونا..
نحن موتى
لا يملكون ضريحا
ويتامى
لا يملكون عيونا..
قد لزمنا جحورنا
وطلبنا منكم
أن تقاتلوا التنينا..
قد صغرنا أمامكم
ألف قرن
وكبرتم
خلال شهر قرونا.
يا تلاميذ غزة
لا تعودوا
لكتاباتنا ولا تقرؤونا..
نحن آباؤكم
فلا تشبهونا..
نحن أصنامكم
فلا تعبدونا..
نتعاطى
القات السياسي
والقمع
ونبني مقابرا
وسجونا.
حررونا
من عقدة الخوف فينا
واطردوا
من رؤوسنا الأفيونا..
علمونا
فن التشبث بالأرض
ولا تتركوا
المسيح حزينا.
يا أحباءنا الصغار
سلاما
جعل الله يومكم
ياسمينا..
من شقوق الأرض الخراب
طلعتم
وزرعتم جراحنا
نسرينا..
هذه ثورة الدفاتر
والحبر
فكونوا على الشفاه
لحونا..
أمطرونا
بطولة وشموخا
واغسلونا من قبحنا
اغسلونا..
لا تخافوا موسى
ولا سحر موسى
واستعدوا
لتقطفوا الزيتونا..
إن هذا العصر اليهودي
وهم
سوف ينهار
لو ملكنا اليقينا.
يا مجانين غزة
ألف أهلا
بالمجانين
إن هم حررونا..
إن عصر العقل السياسي
ولى من زمان
فعلمونا الجنونا.
***
يرمي حجرا
أو حجرين
يقطع أفعى إسرائيل إلى نصفين
يمضغ لحم الدبابات
ويأتينا
من غير يدين..
في لحظات
تظهر أرض فوق الغيم
ويولد وطن في العينين..
في لحظات
تظهر حيفا
تظهر يافا
تأتي غزة في أمواج البحر
تضيء القدس
كمئذنة بين الشفتين..
يرسم فرسا
من ياقوت الفجر
ويدخل
كالإسكندر ذي القرنين..
يخلع أبواب التاريخ
وينهي عصر الحشاشين
ويقفل سوق القوادين
ويقطع أيدي المرتزقين
ويلقي تركة أهل الكهف
عن الكتفين..
في لحظات
تحبل أشجار الزيتون
يدر حليب في الثديين..
يرسم أرضا في طبريا
يزرع فيها سنبلتين..
يرسم بيتا فوق الكرمل
يرسم أما تطحن عند الباب
وفنجانين..
في لحظات تهجم رائحة الليمون
ويولد وطن في العينين..
يرمي قمرا من عينيه السوداوين..
وقد يرمي قمرين..
يرمي قلما
يرمي كتبا
يرمي حبرا
يرمي صمغا
يرمي كراسات الرسم
وفرشاة الألوان..
تصرخ مريم يا ولداه
وتأخذه بين الأحضان..
يسقط ولد
في لحظات
يولد آلاف الصبيان..
يكسف قمر غزاوي
في لحظات
يطلع قمر من بيسان..
يدخل وطن للزنزانة
يولد وطن في العينين..
ينفض عن نعليه الرمل
ويدخل في مملكة الماء..
يفتح أفقا آخر
يبدع زمنا آخر
يكتب نصا آخر
يكسر ذاكرة الصحراء..
يقتل لغة مستهلكة
منذ الهمزة حتى الياء..
يفتح ثقبا في القاموس
ويعلن موت النحو
وموت قصائدنا العصماء..
يرمي حجرا
يبدأ وجه فلسطين
يتشكل مثل قصيدة شعر..
يرمي الحجر الثاني
تطفو عكا فوق الماء قصيدة شعر..
يرمي الحجر الثالث
تطلع رام الله بنفسجة من ليل القهر..
يرمي الحجر العاشر
حتى يظهر وجه الله
ويظهر نور الفجر..
يرمي حجر الثورة
حتى يسقط آخر فاشستي
من فاشست العصر..
يرمي
يرمي
يرمي
حتى يقلع نجمة داوود
بيديه
ويرميها في البحر..
تسأل عن الصحف الكبرى
أي نبي هذا القادم من كنعان؟
أي صبي
هذا الخارج من رحم الأحزان؟
أي نبات أسطوري
هذا الطالع من بين الجدران؟
أي نهور من ياقوت
فاضت من ورق القرآن؟
يسأل عنه العرافون
ويسأل عنه الصوفيون
ويسأل عنه البوذيون
ويسأل عنه ملوك الجان:
من هو الولد الطالع
مثل الخوخ الأحمر..
من شجر النسيان؟
من هو هذا الولد الطافش
من صور الأجداد
ومن كذب الأحفاد
ومن سروال بني قحطان؟
من هو هذا الباحث
عن أزهار الحب
وعن شمس الإنسان؟
ومن هو هذا الولد المشتعل العينين
كآلهة اليونان؟
يسأل عنه المضطهدون
ويسأل عنه المقموعون
ويسأل عنه المنفيون
وتسأل عنه عصافير خلف القضبان:
من هو هذا الآتي
من أوجاع الشمع
ومن كتب الرهبان؟
من هو هذا الولد
التبدأ في عينيه
بدايات الأكوان؟
من هو
هذا الولد الزارع
قمح الثورة
في كل مكان؟؟
يكتب عنه القصصيون
ويروي قصته الركبان:
من هو هذا الطفل الهارب من شلل الأطفال
ومن سوس الكلمات؟
من هو
هذا الطافش من مزبلة الصبر
ومن لغة الأموات؟
تسأل صحف العالم:
كيف صبي مثل الوردة
يمحو العالم بالممحاة؟
تسأل صحف في أمريكا
كيف صبي غزاوي
حيفاوي
عكاوي
نابلسي
يقلب شاحنة التاريخ
ويكسر بلّور التوراة؟؟