٢٣‏/٠٤‏/٢٠١٠

الحمار الملك ..؟!!

م/ هيثم أبو خليل



بمنتهي البرود واللامبالاة استقبلت الأسود والنمور مبايعة جميع حيوانات الغابة للحمار ملكاً للغابة ...

أسد وحيد كان يتألم مما حدث انزوي في ركن بعيد بحيث لا يراه أحد وهو يبكي ...لم يشاركه في هذا الحزن سوى نمر عريق من سلالة أصيلة تربطهم علاقة صداقة رائعة .. فطريقة تفكيرهم واحدة وحبهم للغابة فوق كل اعتبار ... بينما كان النمر يطيّب خاطر الأسد ويوضح له أنها فترة مؤقتة وسيذهب الحمار للجحيم، وتستعيد الأسود ملكها المسلوب ....



سمعوا صوت جلبة كبيرة ناحية وسط الغابة .. فذهبوا ليستطلعوا الأمر ...

فوجدوا حيوانات الغابة تقيم حفلاً غنائياً بمناسبة تولي الحمار الملك شئون الغابة ... وأخذ الجميع يردد النشيد الوطني الجديد للغابة، والذي تم تجهيزه علي عجل ... وأخذوا يغنون ويرددون ...


حموريتنا ... حموريتنا

نحمي رايتنا ...

حموريتنا أمانه ...

زي الروح جوانا

حموريتنا ..حموريتنا



أخذ الجميع يهتف بحياة الحمار...

فالذئب قد اعتلي ظهر الفيل ... واخذ يهتف بالروح بالدم نفديك يا حمار..!!

والغزال بجسده الرشيق الشهي، أخذ يرقص أمام جماهير الحيوانات ..

كان مهرجاناً بحق ... وكان النهيق هو سيد الموقف ..!

وكلما زاد الصوت والهتاف .. كلما زاد نحيب الأسد .. وشاركه النمر في بكائه ....

ولفت نظرهم عدم مشاركة الأسود والنمور في المهرجان ... فظنوا أن لهم موقفاً ... ولكن كانت المفاجئة القاسية لهم أثناء عودتهم من مشاهدة المهرجان، هو تجمع الأسود والنمور أمام عيادة طبيب أسنان الغابة لخلع أنيابهم وأسنانهم، بناء علي قرار وتعليمات الحمار الملك، والذي استفتح ولايته بهذا القرار ..؟؟!!



حاله من الذهول أصابت الأسد وهو يري بني جلدته في حالة استسلام تام، أثناء نزع مصدر قوتهم، بل وصل الأمر لما هو أبعد من ذلك، فقد خرج الأسود والنمور من عند طبيب الأسنان علي كوافير الغابة لعمل (الميكاب اللازم) والمكياج المناسب، حتى يظهروا بمظهر لائق وظريف ... لا يثير الرعب ولا يضايق الحمار الملك وضيوفه ... !!

أخذ الأسد يصرخ بقوة من أعماقه ... ما هذا ...؟؟ ما هذا الحرص علي الحياة الذي أذل أعناق الأسود والنمور .. وراح النمر هو الأخر في حالة من الاندهاش والذهول ... وتوجّه للأسد قائلاً: ما كل هذا النفاق المذهل..؟؟



لماذا لم يكن موجود من قبل ..؟؟ تصور يا صديقي الأسد ... لقد عملوا أغنية اسمها بحبك يا حمار ...؟؟

ما هذا التخلف ... علي أي شيء يحبون الحمار..؟؟!! علي خنوعه أم علي ذله أم علي ضعفه أم علي غبائه ...!! لم نسمع يوما من قبل أغنية تمدح أو تمجد أسداً أو نمراً أو حتى فيلاً ... فعندما يتم عمل أغنية تكون للحمار ..!

أطرق الأسد رأسه ثم رفعها في شموخ وإباء وقال: عزيزي النمر ... أسود الغابة الشجعان الأحرار الشرفاء لا ينطلي عليهم كلمات النفاق والمدح والطبل والزمر، فثقتهم في أنفسهم كبيرة، ولا يوجد عندهم نقص يمكن أن يملأه هذا الكم المذهل من النفاق الرخيص الحقير .. !!



مرت عدة أيام ... وقام الأسد في الصباح وقال للنمر: ليس هروبنا وانعزالنا هو الحل ..هيا بنا ننزل الغابة ونكون ايجابيين ونري ما يحدث فيها ...

اقترب الأسد والنمر من القصر الملكي الحميري، وراعهم مشهد مرعب مذهل، تمنّوا الموت علي أن يروه ...

فقد وجدوا الأسود والنمور قد اصطفوا في طابور طويل أمام بوابة القصر، للحصول علي كيلو لحم من جمعية الغابة الملحقة بالقصر، لسد رمقهم وجوعهم ... ووجدوا الأفيال وقد وضعت إيشارباً فوق الزلومة وينادون.: بنحمًل طريق الغابة البلد ...إللي عايز يركب بحزمة برسيم بس ..!!



نظر النمر للأسد وقال له: شفت الخيبة ..؟! الفيل بجلالة قدره، بقي عامل زي الميكروباص بتاع البني آدميين!

رد الأسد بسرعة علي النمر قائلاً : هي جت علي الفيل انظر هناك .. الزرافة الشامخة الأبيّة تجلس علي سلالم القصر تبيع مستلزمات الحمير من بردعات وحدوات ....!!

وأنظر هناك في شرفة القصر الثعلب يطعم الحمار بيده والقرود تدلعهم وتقول لهم: "هـَـمّ يا حمار" ...!!! وبعد الأكل تقوم الصقور بالضرب علي ظهورها حتى تتجشأ ... وعندها تقول جميع الحيوانات الموجودة في صوت واحد: "صحه يا حمير" ..؟؟



الكل يخدّم علي مصلحة الحمار الملك وأقرانه .. الغابة كلها تسير في خدمة ورعاية وحب وتمجيد وتعظيم الحمار ... تغيرت أسماء كل شيء في الغابة .. حتى أشجار الكافور العريقة تغير اسمها وأصبحت "أشجار الحمار" ... كل يوم تعليمات وقرارات جديدة ... ممنوع جلوس أكثر من 4 اسود مع بعض ..؟؟ ممنوع الزئير بعد المغرب ... !!



وجاء القرار الصدمة الذي لم يتوقع احد صدوره ... وكان متوقع أن يحدث زلزالاً في الغابة ... ويا للعجب ... فقد استقبل جميع الأسود والنمور القرار بمصمصة الشفايف ... فلقد تقرر منع تناول اللحوم نهائياً للأسود والنمور، واستبدالها برضعتين لبن من أبقار غريبة علي الغابة، قام الحمار الملك باستقدامها من غابات صديقة.

تصور الأسد الشهم أن يثور بعض الأسود ... فوجدهم يقولون إنها تعليمات، وإنهم "عبد الحمار" ...

وزادت شهية الحمار في إصدار قرارات جديدة مع صمت الأسود المطبق .. وأصدر قراراً جديداً بأن ينام جميع الأسود والنمور من المغرب بعد أن يغسلوا أرجلهم .... وحذر القرار انه من سيضبط مستيقظاً بعد هذا الموعد سيوضع في حجرة الفئران لتلتهمه قطعة قطعة ..!!!

النمر وصل هو الأخر لحالة انهيار .. وقال: ما كل هذا الذل ..؟؟



لقد أصبحت الفئران والسحالي والذئاب لهم الريادة في الغابة، وقام الحمار الملك بتعينهم مع أقاربه من الحمير في أعلي المناصب في الغابة .. ماذا حدث؟ ... ولماذا حدث ..؟؟



نظر الأسد للنمر وقال له: يا عزيزي سأقول لك بكل صراحة .... الحمار أصبح ملك عندما أصابتنا الغفلة ... الكل ينظر لمصلحته ... وفقط ..الكل يخاف ... علي نفسه وفقط ... الكل يعمل لنفسه وفقط ... نسينا الغابة الأم ... نسينا تقاليدنا العريقة ومبادئنا، وجرينا وراء ملذاتنا وشهواتنا، و لم تهمنا مصلحة الغابة، فتكتل الحمير واستولوا عليها، ونهبوها وسرقوها، وجوعونا وشردونا، وخلعوا أسناننا وأنيابنا، وأرضعونا علي كبر ..!! ولا تتعجب فيمكن أن يخصونا حتى لا نتكاثر وننقرض ...؟؟



مر أسبوع وذهب النمر يتفقد صديقه الأسد فوجد المأساة المفجعة في انتظاره ...؟؟



وجده قد أنتحر ... وجسده مسجى من حبل ربطه في فرع شجرة جازورينا ضخمة، وترك له رسالة كتب فيها:
"صديقي النمر، لم أستطع العيش في هذه الغابة، خصوصً بعدما سمعت أن الحمار سيتنازل للجحش عن الحكم!"

نظر النمر لجثمان الأسد المدلي والدموع قد ملئت عينه وقال : حتى عندما قررت أن تضحي ... كانت تضحيتك هروباً .....

أيقن النمر أنه لا فائدة ... !!!

عندها قرر النمر الذهاب لدكتور التجميل، وتغيير جلده المنقط، واستبداله بجلد لونه رصاصي، وتطويل

١٦‏/٠٤‏/٢٠١٠

من قال إن النفط أغلى من دمي؟

شعر: فاروق جويدة
========
مادام يحكمنا الجنون‏..
سنرى كلاب الصيد تلتهم
الأجنة في البطون
سنرى حقول القمح ألغاماٌ
وضوء الصبح ناراً في العيون
سنرى الصغار على المشانق
في صلاة الفجر جهراً يصلبون
وحين يحكمنا الجنون
لا زهرة بيضاء تشرق
فوق أشلاء الغصون
لا فرحة في عين طفل
نام في صدر حنون
لا دين‏..‏ لا إيمان‏..‏ لا حق
ولا عرض مصون
وتهون أقدار الشعوب
وكل شيء قد يهون
مادام يحكمنا الجنون
‏*****
أطفال بغداد الحزينة يسألون
عن أي ذنب يقتلون
يترنحون على شظايا الجوع
يقتسمون خبز الموت‏..‏ ثم يودعون
شبح‏ "الهنود الحمر"‏ يظهر في صقيع بلادنا
ويصيح فينا الطامعون‏...
من كل صوب قادمون
من كل جنس يزحفون
تبدو شوارعنا بلون الدم
والكهان في خمر الندامة غارقون
تبدو قلوب الناس أشباحاً
ويغدو الحلم طيفا عاجزاً
بين المهانة‏..‏ والظنون
هذي كلاب الصيد
فوق رؤوسنا تعوي
ونحن إلى المهالك مسرعون‏..
‏*****
أطفال بغداد الحزينة
في الشوارع يصرخون
جيش التتار
يدق أبواب المدينة كالوباء
ويزحف الطاعون
أحفاد "هولاكو"
على جثث الصغار يزمجرون
جثث الهنود الحمر تطفو
فوق أعمدة الكنائس والثرى يغلي
صراخ الناس يقتحم السكون
أنهار دم فوق أجنحة الطيور الجارحات
مخالب سوداء تنفذ في العيون
مازال دجلة يذكر الأيام‏..
والماضي البعيد يطل من خلف القرون
عبر الغزاة هنا كثيرا‏ً..‏ ثم راحوا
أين راح العابرون؟‏!
هذي مدينتنا‏..‏ وكم باغ أتى
ذهب الجميع ونحن فيها صامدون
سيموت "هولاكو"
ويعود أطفال العراق
أمام دجلة يرقصون
لسنا الهنود الحمر
حتى تنصبوا فينا المشانق
في كل شبر من ثرى بغداد
نهر‏..‏ أو نخيل‏..‏ أو حدائق
وإذا أردتم سوف نجعلها بنادق
سنحارب الطاغوت فوق الأرض
بين الماء‏..‏ في صمت الخنادق
إنا كرهنا الموت لكن
في سبيل الله نشعلها حرائق
ستظل في كل العصور وإن كرهتم
أمة الإسلام من خير الخلائق
‏*****
أطفال بغداد الحزينة
يرفعون الآن رايات الغضب
بغداد في أيدي الجبابرة الكبار
تضيع منا‏..‏ تغتصب
أين العروبة‏..‏ والسيوف البيض
والخيل الضواري‏.. ‏والمآثر‏.. ‏والنسب؟
أين الشعوب وأين كهان العرب؟!
في معبد الطغيان يبتهل الجميع
ولا ترى غير العجب‏..
البعض منهم قد شجب
والبعض في خزي هرب
وهناك من خلع الثياب
لكل جواد وهب‏..
في ساحة الشيطان
نقرأ ‏"سورة‏" الدولار!
يسعى الناس أفواجاً
إلى مسرى الغنائم والذهب
والناس تسأل عن بقايا أمة تدعى"‏العرب"!‏
كانت تعيش من المحيط إلى الخليج
ولم يعد
في الكون شيء من مآثر أهلها
ولكل مأساة سبب
باعوا الخيول‏..
وقايضوا الفرسان في سوق الخطب
فليسقط التاريخ‏..‏ ولتحيا الخطب
أطفال بغداد الحزينة يصرخون
يأتي إلينا الموت في لبن الصغار
يأتي إلينا الموت في اللعب الصغيرة
في الحدائق‏..‏ في الأغاني
في المطاعم‏..‏ في الغبار
تتساقط الجدران فوق مواكب التاريخ
لا يبقى لنا منها‏..‏ جدار
عار على زمن الحضارة أي عار
من خلف آلاف الحدود
يطل صاروخ لقيط الوجه‏..
لم يعرف له أبداً مدار
ويصيح فينا
أين أسلحة الدمار؟‏!
هل بعد موت الضحكة العذراء فينا
سوف يأتينا النهار؟
الطائرات تسد عين الشمس
والأحلام في دمنا انتحار
فبأي حق تهدمون بيوتنا
وبأي قانون
تدمر ألف مئذنة‏..‏ وتنفث سيل نار
تمضي بنا الأيام في بغداد
من جوع‏..‏ إلى جوع
ومن ظمأ‏..‏ إلى ظمأ
ووجه الكون جوع‏..‏ أو حصار
يا سيد البيت الكبير
في وجهك الكذاب
تخفي ألف وجه مستعار
نحن البداية في الرواية‏..
ثم يرتفع الستار
هذي المهازل لن تكون نهاية المشوار
هل صار تجويع الشعوب
وسام عز وافتخار؟
هل صار قتل الناس في الصلوات
ملهاة الكبار؟‏!
هل صار قتل الأبرياء
شعار مجد‏ وانتصار؟!
أم أن حق الناس في أيامكم
نهب‏..‏ وذل‏..‏ وانكسار
الموت يسكن كل شيء حولنا
ويطارد الأطفال من دار‏.. ‏لدار
مازلت تسأل‏:
أين أسلحة الدمار؟!
‏*****
أطفال بغداد الحزينة
في المدارس يلعبون
كرة هنا‏..‏ كرة هناك
طفل هنا‏..‏ طفل هناك
قلم هنا‏..‏ قلم هناك
لغم هنا‏...‏ موت‏..‏ هلاك
بين الشظايا
زهرة الصبار تبكي
والصغار على الملاعب يسقطون
بالأمس كانوا
كالحمائم في الفضاء يحلقون
‏*****
في الكوفة الغراء
عطر من عبير المصطفى
فجر أضاء الكون يوماً
لا استكان ولا غفا
يا آل بيت محمد‏..
كم حن قلبي للحسين‏.. ‏وكم هفا
غابت شموس الحق والعدل اختفى
مهما وفى الشرفاء في أيامنا
زمن‏"‏النذالة‏" ما وفى..‏
مهما صفا العقلاء في أوطاننا
بئر الخيانة ما صفا..
بغداد يا بلد الرشيد
يا قلعة التاريخ والزمن المجيد
بين ارتحال الليل
والصبح المجنح لحظتان
موت‏..‏ وعيد
ما بين أشلاء الشهيد
يهتز عرش الكون في صوت الوليد
ما بين ليل قد رحل
ينساب صبح بالأمل
لا تجزعي بلد الرشيد
لكل طاغية‏..‏ أجل
‏*****
طفل صغير‏..
ذاب عشقاً في العراق
كراسة بيضاء يحضنها
وبعض الفل‏..‏ بعض الشعر والأوراق
حصالة فيها قروش
من بقايا العيد‏..‏ دمع جامد
يخفيه في الأحداق
عن صورة الأب الذي
قد غاب يوما‏ً..‏ لم يعد
وانساب مثل الضوء في الأعماق
يتعانق الطفل الصغير مع التراب
يطول بينهما العناق
خيط من الدم الغزير
يسيل من فمه
يذوب الصوت في دمه المراق
تخبو الملامح‏..‏ كل شيء في الوجود
يصيح في ألم‏:‏ فراق
والطفل يهمس في أسى‏:
أشتاق يا بغداد تمرك في فمي
من قال إن النفط أغلى من دمي؟‏!
بغداد لا تتألمي
مهما تعالت صيحة البهتان
في الزمن العمي
فهناك في الأفق البعيد صهيل فجر قادم
في الأفق يبدو سرب أحلام
يعانق أنجمي
مهما تواري الحلم عن عينيك
قومي‏..‏ واحلمي
ولتنثري في ماء دجلة أعظمي
فالصبح سوف يطل يوماً
في مواكب مأتمي
الله أكبر من جنون الموت
والزمن البغيض الظالم
بغداد لا تستسلمي
بغداد لا تستسلمي
من قال إن النفط أغلي من دمي؟!

١٥‏/٠٣‏/٢٠١٠

اخبار العيش

زمان كنا نمشى بجوار الحيطة علشان ناكل عيش.. الآن ونحن نعيش أزهى أنواع الديمقراطية لا فيه حيطة.. ولافيه عيش!!


قلم


جس الطبيب خافقي
و قال لي :
هل هنا الألم ؟
قلت له : نعم

فشق بالشرط جيب معطفي
و أخرج القلم ؟


هز الطبيب رأسه ... و مال و ابتسم
و قال لي :
ليس سوى قلم
فقلت : لا يا سيدي
هذا يدٌ و فم
رصاصةٌ و دم
و تهمةٌ سافرةٌ .. تمشي بلا قدم